تربينا منذ الصغر في صعيد مصر على ثقافة خاطئة تجاه جماعة الإخوان التي كانت تسيطر على العديد من مؤسسات التربية سواء المدارس أو المساجد أو مراكز الشباب وغيرها، لاعتبارات سياسية تتعلق بنظام الحزب الوطني.
وهذه الثقافة تتلخص في مقولة «الإخوان بتوع ربنا» لأنهم كانوا يكسبون تعاطف شرائح من المجتمع عن طريق الأعمال الخيرية والاجتماعية في الفضاء الذي انسحب منه الحزب الوطني طوعًا بالتنسيق معهم، مقابل انسحاب جزئي للإخوان من الملعب السياسي، إلا من مساحات بسيطة تتمثل في مقاعد برلمانية، ونقابية متفق عليها سلفًا.
ساعدت هذه الصفقات السياسية في تكريس ثقافة «الإخوان بتوع ربنا» فهم في ذلك الوقت من يكفل اليتامى ويرعى الأرامل والمطلقات ويمنح شنطة رمضان المليئة بالزيت والسكر، كنوع من الرشاوى الانتخابية غير المباشرة.
فكان ما يدور في أذهان الكثير من الناس أن الإخوان يوظفون أعمال الخير توظيفًا سياسيًا، وأن هذا هو عيبهم الوحيد، وأنهم لا يكذبون ولا يسرقون!! حتى أصبحت هذه الأقوال أشبه بالأساطير التي تتوارثها الأجيال.
ومع سقوط الأقنعة بسقوط بعض الأنظمة السياسية في الوطن العربي والتي من بينها نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، بدأ الناس يتعرفون على الإخوان عن قرب، لتتحطم الأسطورة الأولى «الإخوان لا يكذبون» على عتبة التجربة السياسية، وذلك من خلال مواقف عديدة أبرزها إعلانهم عدم الترشح في الانتخابات الرئاسية ودعم مرشح توافقي من خارج الجماعة، فإذا بهم يرشحون اثنين من قياداتهم، أحدهما أساسي والآخر احتياطي «استبن».
لتبقى الأسطورة الأخرى «الإخوان لا يسرقون» التي كانت تقال بأشكال متعددة، منها قول أحدهم: «ممكن تلاقي إخواني بيكدب لكن مش هتلاقي إخواني بيسرق»، وهذه الأسطورة تحطمت هي الأخرى حينما فضح أعضاء الجماعة أنفسهم، فها هو أمير بسام، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان الإرهابية، يخرج علينا بتسجيل صوتي مسرب، يتهم فيه كبار قيادات التنظيم الهاربين في تركيا بالسرقة والاختلاس والفساد المالي، ومن بين هذه القيادات إبراهيم منير، أمين عام التنظيم الدولي، ومحمود حسين، الأمين العام للجماعة، ومحمود الإبياري، الأمين العام المساعد للتنظيم الدولي في لندن.
وكانت أبرز الاتهامات الموجهة إليهم استيلائهم على أموال التبرعات لشراء عقارات وشقق سكنية فخمة وسيارات فارهة لأنفسهم وذويهم، من بينها سيارة BMW بقيمة ١٠٠ ألف دولار، يمتلكها محمود حسين.
وما تسرب إلى السوشيال ميديا من تسجيل صوتي لأمير بسام هو قطرة في بحر من التسريبات التي يتداولها أعضاء الجماعة فيما بينهم والتي تتضمن اتهامات أخطر بكثير من تلك التي طفت على سطح الجماعة من قاعها المتسخ، والأيام حبلى بكشف المزيد من هذه الأوساخ التي تفضح تجارتهم الرخيصة بالدين.
النظام المالي للإخوان يقوم في الأساس على السحت و الجباية، حيث يفرض على كل عضو دفع اشتراك شهري يتراوح ما بين ٧-١٠% من دخله الشهري يعفى منها الطلبة والنساء وغير القادرين، وهذه القيمة تخالف ما فرضه الله على المسلمين من زكاة المال التي لا تزيد على 2,5%، وكأن الإخوان يخترعون لأنفسهم دينًا جديدًا.
لم أستغرب حينما استمعت إلى تسريبات «بسام» لأن جماعة استحلت دماء الأبرياء بعد تكفيرهم لا تتورع في استحلال أموالهم، فحرمة الدماء المعصومة في الإسلام أشد عند الله من هدم الكعبة.
الجماعة التي تأكل أموال الناس بالباطل وتستحل دمائهم باسم الله والدين مكانها الطبيعي مهما طال عمرها مذبلة التاريخ، لتصبح شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، وإنا لمنتظرون.
-------------------------
*نقلًا عن الأهرام المسائي





